القائمة

البرمجة اللغوية العصبية

تبقى النفس الإنسانية سرا من الأسرار التي تمنح الشخص إيمانا راسخا بعظمة هذا الخلق وتفرده مع كل اكتشاف جديد يعلي من شأن التفكر فيها، فدقائق صنع المولى عز وجل عظيمة متناسقة، مع كل ما اكتشف عنها طبيا وعلميا يبقى هناك المزيد والمزيد مما لم يكتشف بعد. ولذا كان الإنسان شغوفا متحفزا وهو يطالع بين فينة وأخرى سرا من أسرار هذه الاكتشافات، ولعل من هذه الأسرار التي لها تأثيرها في بني البشر هي مايتعلق في قواهم وقدراتهم ومايمكنهم أن يفعلوه لأنفسهم وللآخرين، من هنا حرص كثيرون ممن يبحثون عن معرفة أنفسهم أولا وفهم الآخرين ثانيا على تتبع كل مامن شأنه تقديم كشف أكثر لهذا اللغز الرباني الكبير، وكانت البرمجة اللغوية العصبية NLP مما يفي ويقوم على تلبية هذا المطلب، وتلقفها الكثيرون هنا كما تلقفها قلبنا العالم بغية الاستزادة والتعرف أكثر وأكثر عن كنه النفس الإنسانية، وبغية الخلاص للنفس أو للآخرين من الآلام الناشئة عن احباطات الحياة وصعوباتها. ولذا كان الإنسان شغوفا متحفزا وهو يطالع بين فينة وأخرى سرا من أسرار هذه الاكتشافات، ولعل من هذه الأسرار التي لها تأثيرها في بني البشر هي مايتعلق في قواهم وقدراتهم ومايمكنهم أن يفعلوه لأنفسهم وللآخرين، من هنا حرص كثيرون ممن يبحثون عن معرفة أنفسهم أولا وفهم الآخرين ثانيا على تتبع كل مامن شأنه تقديم كشف أكثر لهذا اللغز الرباني الكبير، وكانت البرمجة اللغوية العصبية NLP مما يفي ويقوم على تلبية هذا المطلب، وتلقفها الكثيرون هنا كما تلقفها قلبنا العالم بغية الاستزادة والتعرف أكثر وأكثر عن كنه النفس الإنسانية، وبغية الخلاص للنفس أو للآخرين من الآلام الناشئة عن احباطات الحياة وصعوباتها.

مدخل..
ظهر هذا العلم في العام 1975 م على يد عالمين استطاعا أن يرسما الخطوات الأولى لهذا العلم، الأول هو عالم الرياضيات (ريتشارد باندلر) والثاني عالم اللغويات (جون جرندر) مستفيدين في ذلك من تجارب قام بها الطبيب النفسي الكبير ( ميلتون اريكسون) والدكتورة (فرجينا ساتير) من خلال مرتقبة طرقهم العلاجية ،وغيرهم من علماء اللغويات وعلم النفس.
فقد بدأ الاثنان اكتشافهما من خلال السؤال الذي قادهم لاكتشاف العلم وهو (كيف يكون لفرد مهارة دون الآخر رغم الاتفاق في البيئة والظروف؟) فكان اهتمامهم بـ(كيف) أكثر من اهتمامهم بـ(ماذا؟)، وبدأوا بمراقبة سيرة الناجحين والعظماء كما راقبوا عن كثب الدكتور ميلتون اريكسون وكيفية علاجه للآخرين، كما راقبوا طريقة فرجينا ساتير في العلاج النفسي، مركزين على كيفية الآداء، حتى قاما في العام 1975م بتأليف كتابهما وهو من جزئين والذي أعتبر أول كتاب في علم الـNLP .
الهدف من العلم :
  • وضع العلم اهتمامه بشكل كبير على اكتشاف الإنسان لنفسه وقواه الحقيقة ومايملكه من قدرات خارقة يستطيع معها أن يغير من أنماط حياته سلوكا وتفكيرا.
  • اهتم العلم بكشف أنماط الناس في التفكير والسلوك والإحساس، وأنماطهم في الاهتمامات وغيرها، وتوصل إلى أنه بالإمكان أن (تقود) الآخرين بعد أن (تجاريهم) بأن تفهمهم بشكل تام.
  • العلم يستهدف كل من لديه رغبة في التغيير والتطوير وتغيير نمط حياته للأحسن، ويستفيد من ذلك في الغالب من يحتاجون للاختلاط والالتقاء بالمجموعات، من المربين أو رجال الأعمال.
  • رصد العلم الحالات الذهنية للإنسان وأمكن التعرف عليها، وتغييرها من حالات سلبية إلى حالات إيجابية.
  • أفاد العلم في علاج عدد كبير من الحالات، مثل الفوبيا والاكتئاب والوهم والصرع وغيرها.
رتب البرمجة العلمية..
تنقسم مراتب البرمجة اللغوية إلى : (دبلوم) ومقرر له 30 ساعة ، و(ممارس) ومقرر له مابين 70-80 ساعة و(ممارس أول) ومقرر له 120 ساعة، و(مدرب) ويشترط للحصول عليها الانتظام في دورة لمدة 21 يوما ، و(مدرب أول) ويشترط للحصول عليها الانتظام في دورة وتقديم مشروع مفيد ومتميز للبرمجة، ومحليا يوجد الآن شخصين يحملان صفة المدرب الأول، وخمسة أشخاص يحملون صفة المدرب بينما يصل عدد من يحملون مرتبة ممارس أول إلى أكثر من 500 شخص، ومن يحملون الممارس والدبلوم يقدرون بالآلاف .
وحسب الأرقام فإن أكثر الملتحقين بدورات البرمجة هم من المعلمين ورجال الأعمال، وحسب أحد المدربين فإن نسب المعلمين أو المنتسبين لقطاع التعليم الذين قام بتدريبهم يفوقون نسبة 90%.
بعد البداية
كأي علم ناشئ، اختلف مؤسسيه في بدايته وافترقا مستقلين لكل منهما مدرسته المستقلة والتي انسحبت فيما بعد على متبعي هذا العلم، حتى أن الخلاف نشب بين باندلر وزوجته، والخلاف لم يكن في منهج العلم، ولكن كان في الرغبة في احتكاره والتفرد فيه، ومع انتشار العلم عالميا أنشأ روبرت دلتس جامعة البرمجة اللغوية العصبية GTC، كما نشأ اتحاد عالمي مثل مرجعية لتصديق الشهادات والاعتراف بها والمتمثل في الـNLPTA والذي يرأسه وساهم في تأسيسه وايت وود سمول، ثم أنشأ الدكتور إبراهيم الفقي أثناء إقامته في كندا ماعرف بالاتحاد الكندي، وكان للدكتور إبراهيم الفقي اليد الطولي في التعريف الأولي بهذا العلم من خلال دوراته التي ألقاها في المملكة أو الكويت في بدايات العام 1998م، تبعه في ذلك مراكز أخرى متخصصة في بعض دول الخليج العربي.
محليا كان للدكتور محمد التكريتي قدم السبق في التعريف بهذا العلم من خلال كتابه الذي عرف بهذا العلم لأول مرة (آفاق بلا حدود) مما دفع مجموعة من الأكاديميين السعوديين وعددهم 13 شخصا لمخاطبة د.محمد التكريتي للتنسيق لدورة في هذا العلم استضافتها العاصمة البريطانية حيث مقر إقامة د.محمد التكريتي، ومنها بدأ عدد من هؤلاء الأشخاص في إقامة دورات لهذا العلم في عدد من مناطق المملكة.
ولأن الصورة لم تكن واضحة آنذاك لكثيرين ممن أحبوا التعرف على هذا العلم فقد أخذه بعضهم تبعا للاتحاد الكندي من خلال د.الفقي وبعضهم أخذه من خلال مدرسة باندلر وبعضهم تبعا لمدرسة قرندر، ورغم أنه لاخلاف في اساسيات هذا العلم، إلا أن التميز كان لمدرسة قرندر التي تمنح بموجبها شهادات من الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية.
الدورات ..
كانت تقام وفي فترات متقطعة دورات لمرحلة (الدبلوم) في هذا العلم، وكانت قليلة جدا ومحدودة بأسماء متفق عليها سلفا، ولكن ومع انتشار الانترنت وسهولة التواصل أصبح بالإمكان الإعلان عن هذه الدورات، وقامت منتديات متخصصة تشرح وتؤصل وتناقش هذا العلم، مما ساهم بالتحاق كثيرين فيها بغية تحقيق ماتعد به الإعلانات من خلال الوصول بالمتدرب للتميز في حياته العملية والوظيفية والأسرية، وقدرتها على معالجة عدد كبير من السلوكيات الخاطئة، والقضاء على حالات متعددة من الاكتئاب والقلق والرهاب وغيرها، فكان التنسيق للدورات يتم من خلال إعلانات في مواقع الانترنت وبعضهم أعلن من خلال الصحف المحلية، ويتم عقد هذه الدورات في أماكن تختار بعناية من حيث مناسبة الأجواء وسعة المكان للتطبيقات العملية مع الحرص الكبير على تهيئة الأجواء داخل قاعات التدريب من خلال توفير الوجبات والمشروبات ومن خلال تأمين وسائل عرض متقدمة وأوضاع جلوس للمتدربين مختلفة عما ألفوه في بيئاتهم التعليمية أو الوظيفية، وكانت الرسوم تختلف باختلاف المدرب حيث تترواح دورات الدبلوم مع تصديق الشهادة من قبل الاتحاد العالمي مابين 1000 إلى 2500 ريال فيما تتراوح رسوم الدورات المتقدمة (ممارس أول) مابين 6000 إلى 9000 ريال، ورغم ارتفاع الأسعار النسبي إلا أن الإقبال على الدورات في تزايد وتكاثر، وتكاد تكون المنطقة الغربية وبخاصة مدينة جدة الأبرز والأكثر على مستوى تنفيذ البرامج التدريبية، ومؤخرا بدأت الرياض تشهد مستويات متعددة من الدورات، كما أن عددا من مدن المملكة أقامت على الأقل دورة دبلوم في البرمجة اللغوية العصبية.
اللقاء الأول مع البرمجة..
السؤال الذي طرحناه على مجموعة كبيرة من مدربي البرمجة اللغوية العصبية ومتدربيها هو عن الكيفية التي علموا من خلالها لأول مرة عن البرمجة، ويشير المهندس سمير بنتن (مدرب أول) إلى أنه علم عن البرمجة قبل أربع سنوات تقريبا من خلال دورة ألقاها المحاضر العالمي إبراهيم الفقي في المملكة، فيما يشير الأستاذ عبدالرحمن الفيفي إلى أنه تعرف عليها بعد قراءته لكتاب (آفاق بلا حدود) لمحمد التكريتي وهو ماقاده لاحقا للالتحاق بدورة ويوافقه في ذلك عبدالمحسن الزهراني و المدرب عبدالسلام الحمدان الذي أضاف أنه طبق عددا من تقنيات البرمجة إثر قراءته للكتاب في ذات الليلة، بينما يرى الدكتور سلطان الحازمي (أستاذ لغويات تطبيقية بجامعة الملك خالد) إلى أن تخصصه في اللغويات جعله يهتم بهذا العلم خاصة وجزء منها قائم على الجانب اللغوي مشيرا إلى أنه حضر دورة تعريفية قصيرة عنها في العام 1996م في بريطانيا، فيما يشير الأستاذ حمود الصميلي إلى أنه تأثر بكتاب لأنتوني روبنز كان كافيا لأن يقتحم هذا المجال، أما المدرب علي شراب فيقول أن إطلاعه على البرمجة كان من خلال عدد من الكتب الإنجليزية التي تناولت هذا العلم، فيما يرى المدرب أيمن حداد ويوافقه الأستاذ محمد القصير إلى أن للأنترنت دور كبير في التعريف الأولى بالبرمجة، ويشير كل من المدرب عوض مرضاح والدكتور مازن العصلاني والمهندس أحمد قدواي إلى أن تعرفهم الأولي عن البرمجة كان من خلال الصحف عبر إعلانات عن تنظيم دورات بهذا المجال، فيما يشير الأستاذ عبدالمحسن السلمي وهو معلم لغة إنجليزية إلى أنه تأثر بعدد من الإصدارات السمعية للدكتور صلاح الراشد مما قاده لتعلم البرمجة، فيما يرى الأستاذ محمد الجحدري والأستاذ عبدالله السلمان وهو مشرف تربوي بوزارة المعارف والأستاذ عائض القحطاني (معلم) إلى دور الأصدقاء والزملاء في التعريف الأولي بها وتأثرهم بما سمعوه عنها، فيما تشير الأستاذة نوال إبراهيم إلى دور زوجها في تعريفها بالبرمجة بينما أرجعت الطالبة ريم محمود العسيري (15 عام) سبب التحاقها بدورات البرمجة لتأثرها بوالدها الذي قطع مراحل متقدمة في هذا المجال.
مدارس البرمجة خلاف أم اختلاف؟
أدى التنوع في مدارس البرمجة إلى ظهور (خلاف) بين مؤسسيها وامتد الخلاف حتى يومنا الحالي، ويرى المهندس (سمير بنتن) أن البرمجة تنهل جميعها من محتوى علمي واحد وعلى أساس هذه المفاهيم بدأت مدارس البرمجة تدرب هذا العلم ، ونفى أن يكون هناك خلاف في تقنيات العلم ولكنه أرجع الخلاف إلى الخلاف في مفردات المنهج، مرجعا الاختلاف إلى الاختلاف في المعايير من مدرسة لأخرى وشخص لآخر فبعضها اتجه لهدف ربحي مادي، ولذا بدأوا يتنازلون عن المعايير العلمية ويقدموها بمعايير أقل، لكن تظل نواياهم للعلم كعلم والمعرفة كمعرفة لكنها تأثرت بتقليص الأيام، فيما يرى الأستاذ (علي شراب) إلى أن الاختلاف أثمر بلا شك عن خلاف وهو بدوره أثر على سمعة البرمجة في الخارج، فنحن مما نعلمه وجوب أن نحترم الآخرين بأخطائهم وعيوبهم سواء كانت صغيرة وكبيرة، وينبغي أن ننظر للأهداف والوسائل، ونحن إذا وقعنا في هذا المطب الاختلافي سيقلل من مصداقيتنا أمام الآخرين، فيما يرى المدرب (أيمن حداد) أن الاختلاف ظاهرة صحية لأي علم خصوصا علم البرمجة فهو مهارة إنسانية والمهارات يكون المنطق تتعدد فيه الآراء، أما الخلاف فهو ظاهرة غريبة على هذا العلم لأنه كان مبني على المنطق والتوحد، والعلم أخذ بشكل نظري كما أخذ كثير من العلوم الغربية للأسف وإسقاطاته النظرية أوجدت هذا الخلاف، وشاطره في الرأي الأستاذ (عبدالسلام الحمدان) الذي رأى أن الاختلاف هو من اختلاف التنوع وليس اختلاف الطمع، فنفرق بين اختلاف القلوب واختلاف الآراء، واختلاف المدارس فهو ناتج لاختلاف المنشأ، فبعضهم تخصصه إداري والآخر نفسي والثالث سلوكي، وهذا العلم حصل فيه تنافسات واختلافات حتى من مؤسسي العلم، باندلر اختلف مع زوجته واختلف مع شريكه في ظهور العلم قرندر وأقيمت محاكم وقضايا في أوربا وأمريكا، ولكن مهم أن نهتم بالعلم دون النظر للخلافات الشخصية، فيما يشير الأستاذ (عوض مرضاح) إلى أن تنوع المدارس لأي علم هو ظاهرة إيجابية وأن الخلاف لاينحصر في البرمجة فقط بل هو قديم أزلي وأن من أسباب هذا الاختلاف هو تنوع الثقافات والبرامج العقلية لكل إنسان.
المدرب العربي والبرمجة..
وعن الإضافات التي تحسب للمدربين العرب في هذا المجال خاصة وأنه كان غربي المنشأ، يقول المدرب (سمير بنتن) أنها وإن كانت محدودة فهي مثمنة وجوهرية من حيث أنه بدأ ينطلق في مساحات الحركة في هذا العلم من خلال الهوية العربية والسمت الإسلامي، فيما يرى المدرب (أيمن حداد) أن المدربين باختلاف طاقاتهم مازالوا في طور التعلم وهذا من باب الاعتراف أن مانحن بصدده هو علم يجب أن يحترم ويدرس بشكل كاف لكن هناك مايمكن أن يضاف، ويضيف الأستاذ عوض مرضاح أن المدرب العربي بذل جهده في التعليم والتدريب بما يتوافق وقيمنا وعاداتنا، ورأى الأستاذ عبدالسلام الحمدان أن أهم ما أضافه المدرب العربي هو اللمسات الإيمانية وربط العلم بالشواهد الشرعية من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية، لكن يجب أن يكون بدون أن يلجأ لتعسف النصوص لتأكيد نظرياته، فيما عدد الأستاذ علي شراب جهود عدد كبير من المدربين العرب الذين أفادوا في نشره وترسيخه كإبراهيم الفقي ود.صلاح الراشد ود.نجيب الرفاعي مشيرا إلى أنهم صبغوا العلم بالصبغة الإسلامية.
وعن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المدرب العربي يقول المهندس سمير بنتن أن أهم شيء هو المعرفة والإلمام الجيد بهذا العلم حتى يتكلم عن دراية تامة بما يقوله للناس، والأمر الآخر الالتزام بالمعايير، مشيدا بكفاءة المدرب العربي من حيث الامكانات وتميزه وأنه يتكلم من خلال لغة ولهجة صادقة فيما يعلم الناس، ويضيف الأستاذ عبدالسلام الحمدان أهمية أن يكون لديه أريحية في تقبل وجهات النظر الأخرى، وأن يكون عنده مهارات في التدريب، مفرقا بين التدريب والتعليم، فيما يرى المدرب أيمن حداد أن هناك تجرؤ على الساحة التدريبية، مع أنه يحتاج لتوسيع مداركه المعرفية عن هذا العلم وامتلاك المهارة الكافية للعرض للتقديم لأننا في حقل تدريب أكثر من كونه حقل تعليم، من جانبه يرى الأستاذ عوض مرضاح أهمية إلمام المدرب بمدارس البرمجة المتعددة وأن يصبغ طرحه برؤية إسلامية من غير تكلف مع ضرورة أن يحاول المدرب البعد عن التجريح والبحث عن مثالب الآخرين.
مالذي تعالجه البرمجة..؟
هناك من منح البرمجة اللغوية العصبية قدرة كبيرة على القضاء على الأمراض والعلل بدرجة مبالغ فيها خاصة مما هو من اختصاص الطب النفسي وهو مايرفضه المهندس سمير بنتن حيث أنه لكل علم وخبرة مهارة وحدود، وأي شخص يجب عليه أن يلتزم بحدود هذه المهارة ولايتعداها ولايدعي لنفسه مالايعرف أو يتقن، داعيا ممارسي البرمجة أن يقفوا على حدود هذا العلم وألا يجعلوا له الزعم بأنه يملك كل الحلول، ويشير المدرب أيمن حداد من جهته إلى أن العلاقة بين العلوم ليست تنافسية، بل هي تكاملية، والبرمجة تستطيع أن تقدم شئ جديد لأطباء النفس،وكثيرون منهم أقر بهذا الشيء ودرسها، أضف لذلك أن البرمجة العصبية لاتقدم العلاج النفسي بل تقدم مساندات نفسية وفي نفس الوقت هي لاتعتقد في مرض الإنسان نفسيا وإنما هناك ضعف معين يحتاج لتقوية، فيما يؤيده المدرب عبدالسلام الحمدان مضيفا أنه لا ينبغي أن ينتحل الممارس شخصية الطبيب أو المعالج، ولكن المعول عليه هو الفائدة فنحن نأخذ الحكمة من مواطن شتى ونحن هنا مع الأطباء النفسيين ونكمل بعضنا بعضا والمختص في البرمجة يجب أن يلتزم في مجاله، مشيرا إلى أنه في عدد من الدول المتقدمة يسمح للممارس بالعلاج إذا أثبت تمكنه ونجاحه، وذكر أنه حتى الرقية الشرعية لاتسلم من المدعين منوها أن أحد الأطباء النفسيين اقتنع بالبرمجة واستخدم تقنياتها في علاج مرضاه، فيما يرى الأستاذ عوض مرضاح أن البرمجة شيء والطب النفسي شيء آخر وإن كانا يشتركان في اكتشاف خصائص النفس البشرية، وقال أن البرمجة مساندة للطب النفسي في القضاء على بعض الأمراض النفسية الخفيفة التي يمكن علاجها بدون اللجوء للعقاقير، ومن جانبه يرى الدكتور سلطان الحازمي أنه لايحبذ منطق الأفضلية لأنه لايخدم الأهداف، ولكل علم تخصصه وفوائده، فالطب النفسي علم مؤسس ومنهجيته واضحة ومبني على تجارب والبرمجة هي تقنيات تفيد كذلك في علاج بعض الحالات وتفيد كذلك في تحفيز الإنسان على العمل والالتزام وتمنحه قدرة على التخطيط السليم للمستقبل.
طموح المتدربين..
وعما ينتظره المتدربون من البرمجة وماهي المجالات التي سيعملون على تسخير استفادتهم فيها، حيث يرى الدكتور سلطان الحازمي (أستاذ بجامعة الملك خالد) انه سيحرص على الاستفادة منها من خلال العلاقات العائلية بكافة اشكالها والتعامل مع الآخرين وخصوصا طلابه، كذلك سيحرص على الاستفادة منها في مجال تقديم الدورات التدريبية للشركات الخاصة منوها أنه سيحاول أن يطرق باب التأليف فيها لإفادة الآخرين، من جهته يقول الأستاذ عبدالمحسن السلمي (معلم) أنه يسعى لتوظيف ماتعلمه في مجال التعليم والعلاقات لاسيما أنه هناك من التقنيات مايفيد في سرعة التعلم ويحل الكثير من المشكلات القائمة، ويضيف الطبيب مازن العصلاني إلى أنه يبحث عن الإفادة من البرمجة في علاجه لمرضاه والتخفيف عنهم في بعض الصعوبات التي لايكون منشؤها أسبابا عضوية، فيما يرى الأستاذ عبدالمحسن الزهراني أنه ينوي استخدامها في التدريب والعلاج وتقديم الاستشارات، فيما يرى الأستاذ عبدالله السلمان من جهته أنه يسعى للاستفادة منها في مجال الإرشاد النفسي والتعليمي، ويراها الأستاذ محمد الجحدري بشكل أرحب حينما يقول أنه سيستفيد منها في إدارة الحياة فيكل شؤونها له وللآخرين، فيما يطمح الأستاذ عائض عيبان القحطاني إلى أن يكون مدربا بالإضافة إلى توظيفها في حياته الأسرية والذاتية والتعليمية، وهو مايبحث عنه أيضا الشاعر والمعلم حمود الصميلي حينما يأمل أن يستفيد منها في مجال التدريب رغبة منه في المساهمة في تخفيف معاناة الآخرين النفسية لاسيما الشباب منهم، فيما تراها الأستاذة نوال إبراهيم فرصة لاكتشاف الآخرين وكيفية فهمهم والتعامل معهم، وتضيف عليها الطالبة ريم العسيري أنها تنوي الاستفادة منها في حياتها التعليمية والخاصة.
موقف المتدربين مما يقال عن البرمجة
وتوجهنا لمجموعة من المتدربين بأسئلة عن وجهات النظر لديهم فيما يقوله البعض من أن البرمجة قادرة على علاج الأمراض الخطيرة وبين من يقلل من شأنها ويصفها بعكس ذلك، حيث يقول الأستاذ عبدالله السلمان أن البرمجة تحتاج أن ينظر إليها نظرة موضوعية فيؤخذ منها مايفيد ويترك مالايفيد مشددا أن كلا الطرفين غير مصيب في زعمه وتطرفه عن البرمجة، فيما قال الأستاذ محمد الجحدري أن الإنسان عدو ماجهل وأن المؤمن أولى بالحكمة أينما كانت ومن واجب الشخص الاعتدال في نظرته، بينما رأي الأستاذ حمود الصميلي أن البرمجة عالم رائع لاسيما وهي تخاطب ذلك العالم الداخلي المجهول للإنسان الكائن في النفس الإنسانية، فيما شدد الأستاذ عوض عيبان إلى أن التوسط وقبول الحق ورد الباطل أمر مهم، وأن للبرمجة نجاحاتها العلاجية المشهود لها ولكن هذا لاينبغي أن يجعلنا نرفع من شأنها بشكل مبالغ، فيما رآها الطبيب مازن العصلاني بوسائل مشابهة للعلاجات التي يقدمها علم النفس وفائدتها ملحوظة وخطرها قليل، فيما ارجع الأستاذ عبدالمحسن الزهراني إلى أن السبب في هذه الأقوال هو عدم تبلور الرؤية بعد وأنها خلال سنتين ستكون الرؤية واضحة وسيفهم المجتمع البرمجة وماتقدمه من خدمات جليلة للمجتمع، فيما ركز الأستاذ عبدالمحسن السلمي على مبدأ التوسط حيث أن الوسطية منهج إسلامي ينبغي أن نأخذ به في كافة مناحي حياتنا فضلا عن البرمجة، وقال أن من ذمها ووصفها بالخداع بالتأكيد أنه لم يدرسها ولم يعرفها عن كثب حتى يمكن له الحكم عليها، وينبغي تبعا لذلك أن يتسع أفقنا حتى ننظر للأمور من جوانب شتى لتصبح أحكامنا منطقية ومتزنة، فيما وصفت نوال إبراهيم بعض هذه الأقوال بالمتجنية وإن أرجعت ذلك إلى بعض المدربين أنفسهم الذين دأبوا على تصوير البرمجة بشكل مبالغ فيه وخارق وقالت أنها سمعت لأحدهم أنه تمكن من علاج السرطان ببعض تقنيات البرمجة وهذا مما يصعب تصديقه، ووافقها الأستاذ أبو محمد القول أن تسرع بعض المدربين في الثناء على البرمجة ومدحها دون أن يكون قادرا على الوفاء بما يردده ساهم في إسقاطها عند الآخرين.
أبرز التقنيات المستفادة..
وعن أبرز التقنيات التي يرى المتدربون أنها أفادتهم ويرون أهميتها في حياتهم العملية أو الاجتماعية يقول الدكتور سلطان الحازمي أن تقنية إدراك الحصيلة ودائرة الحل للنظر للمشكلة من منظور إيجابي ، فيما يرى الأستاذ عبدالمحسن السلمي أن موضوع النمذجة من أبرز التقنيات التي يراها خاصة أن الاستفادة من استراتيجيات الناجحين سيوفر علينا الجهد والمال، من جانبه ذكر الأستاذ عبدالمحسن الزهراني أن تقنيات علاج المخاوف والصدمات النفسية كذلك أهمية موضوع رسالة الحياة وتدقيق القيم الخاصة للشخص، فيما يرى الأستاذ حمدو الصميلي إلى أن أهم التقنيات من وجهة نظره هي مولد السلوك الجديد والمستويات المنطقية الذهنية، وبحكم تخصصه كمعلم لغة يرى الأستاذ عوض عيبان أن لغة ميلتون وميتا وتحويل المناط من أبرز تقنيات البرمجة التي استفاد منها بالإضافة لخط الزمن، فيما يرى الأستاذ محمد الجحدري إلى أن جميع تقنيات البرمجة مهمة ومفيدة بشرط أن نتقن استخدامها، فيما حدد الأستاذ عبدالله السلمان مايعرف بالأنظمة التمثيلية وتقسيم الناس إلى ثلاثة أنماط غالبة من حيث تلقيهم للمعومات وتعاملهم معها إلى عدة أنواع فمنهم البصري ومنهم السمعي ومنهم الحسي كذلك تقنية خط الزمن وقدرتها على رسم الواقع الزمني للشخص ماضيا وحاضرا ومستقبلا، بينما يرى الطبيب مازن العصلاني إلى أن بعض الطرق العلاجية الخفيفة لبعض الآلام مثل الصداع والرهاب وغيرها من التقنيات التي تفيد في زرع الثقة عند الشخص وتمنحه القدرة على مواجهة الآخرين، فيما ترى الأستاذة نوال إبراهيم أن أبرز التقنيات هي موضوع الاستراتيجيات والتي بموجبها نستطيع أن نحقق النجاحات التي حققها الآخرون من خلال تتابع النظام التمثيلي.
مواقف رافضة للبرمجة..
يقول أنتوني روبنز أن أي أمر جديد وطارئ يمثل حقيقة كاملة يمر من خلال ثلاث مراحل الأولى التشكيك فيها ووصف مريديها بعدم العلم وربما بالسفه والجنون والمرحلة الثانية محاربتها بشتى الطرق أما المرحلة الثالثة فهو التسليم بها والإقرار بوجودها، والبرمجة اللغوية العصبية في المملكة في ظني أنها مازالت حبيسة المرحلة الأولى على الرغم من كثرة من التحقوا بدوراتها وتعاملوا معها من خلال دورات مباشرة، وبعيدا عن التسليم بمراحل أنتوني روبنز الثلاث من عدمها أو كونها حقيقة من عدمه إلا أن البرمجة شهدت هجمات متفاوتة تخصصت في ذلك إحدى الصحف المحلية التي اشتهرت بكونها مرجعا للتنظير والحوار حول البرمجة وشؤونها، و"الاختلاف في الرأي" عبارة رددها المتحاورن كثيرا رغم احتداد بعضهم وخروجهم عن إطار النقاش الهادف البناء، وبالتأكيد أنه حينما يكون الرافض أو الناقد شخصا مطلعا ولديه إلمام بما تقدمه البرمجة فإنه سيحترم وسيحترم مايقوله، ولكن حينما يكون المخالف فعل دون أن يكون مؤصلا بفن معين أو لديه تعاط مباشر مع البرمجة فقد يكون حكمه خاطئ وغير ذي بال.
وهنا سنعرض لبعض الانتقادات التي وجهت للبرمجة محترمين أصحابها، فقد سئل أحد العلماء عنها فقال أنها صرفت الدعاة عن دعوتهم وأنها لم تفدهم بشيء، وربما كان فضيلته يقصد شخصا أو أشخاصا محدودين بعينهم ولكن أحد الذين ردوا عليه قال أنه وإن فقدت الدعوة – افتراضا – أحد دعاتها بسبب إنشغالة بالبرمجة دراسة ودورات فإنها أفادت كثيرين هم في ميادين تحتاج منهم إلى حسن التعامل ومنحتهم آليات محددة لفهم الآخرين والتأثير عليهم وهذا يفيد الأب في أبنائه والمعلم في مدرسته على أضيق النطاقات.
وممن وقف ضد البرمجة اللغوية العصبية مجموعة من الأطباء النفسيين من خلال كتاباتهم أو مواقفهم الرافضة لها، من أولئك الدكتور عمر المديفر من خلال الحوار الذي شهده الموقع الذي يشرف عليه في الإنترنت وحاوره فيه نخبة من مدربي البرمجة منهم الأستاذ عبدالرحمن الفيفي، وكان رأي الدكتور عمر بخصوص البرمجة أنها وسيلة ناجحة من وسائل الاتصال الإنساني وفي مجال العلاقات العامة ولكنه رفض أن يكون لها أي دور أو فائدة علاجية ودافع عنها في حينها الأستاذ الفيفي بقوله أن النتائج العلاجية والتي ساهموا فيها في خلاص البعض من عادات سلوكية أو أمراض معينة وتحققت على أيدي كثير من المدربين هي التي تتحدث عن نفسها، وموقف الدكتور المديفر يماثل الموقف الذي وقفه أطباء علم النفس التقليديين من الطريقة التي ابتكرها ميلتون اريكسون في علاجه لمرضاه قبل اكتشاف البرمجة وهو ذات الموقف الذي اتخذ ضد جرندر وصاحبه باندلر في بدايات ظهور هذا العلم، وقد سألنا أحد المختصين النفسيين والذي رفض أن يكشف عن اسمه واكتفى بالرمز (خ.س) عن رأيه عن البرمجة فقال أنه شخصيا حصل على دورة دبلوم وممارس فيها وأنه استفاد منها في علاج بعض الحالات التي تراجعه في عيادته، ويؤكد ذلك أيضا الأستاذ عبدالله السلمان العضو في الجمعية السعودية لعلم النفس (جستن) أن تقنيات البرمجة أثبتت فعاليتها وقدرتها على علاج عدد من الحالات.. ويجب اتخاذها كرديف ومكمل للطب النفسي فالمهم هو أنها تفيد وهذا مانبحث عنه.
المجتمع وموقفه من البرمجة:
تقول أم عبدالرحمن (ربة منزل مؤهلها جامعي) أن سلوك زوجها وطريقة تعامله وحرصه على التنظيم وتفعيل دور أبنائه قد بدا واضحا ولمست بنفسها التغيير الكبير الذي طرأ على زوجها وتضيف أنها شغوفة بدخول دورة للبرمجة لتبحث عن هذا التغيير الملحوظ، أما (أم إبراهيم) فتقول أن البرمجة أشغلت ابنها بالسفر والترحال وساهمت في أن جعلته مديونا خاصة وراتبة لايكاد يكفيه وأبنائه وعن الأثر التي لاحظته عليه قالت (ولدي هو هو .. ماتغير)، أما الطالبة الجامعية حنان فهد فقالت أن أكثر ما أعجبها في شقيقها هو إدمانه الشديد بعد دورات البرمجة على القراءة والمطالعة وقالت لو لم يكسب إلا هذا لكفاه، وأضافت أنها تلاحظ بعض التغير منه ولكنها تخاف منه أحيانا لأنها تشعر أنه (يطبق) عليها بعض ماتعلمه وقالت أنها كانت منذ الدراسة الثانوية تخاف مادة علم النفس فكيف وشقيقها يحضرها عندها في المنزل؟!، وفي سؤال سريع وجهناه (مكتوبا) لـ 100 شخص عن معرفتهم بالبرمجة قال 15% منهم أنهم سمعوا عنها من أقارب أو من الانترنت أو من الصحف، فيما قال 66% أنهم لا يعرفون ماذا تعني ولم يسمعوا عنها، فيما أشار 19% إلى أنها دورات متقدمة في الحاسب الآلي!!
واقع البرمجة تنظيميا
بدأ المجتمع المحلي في التعامل مع البرمجة لأول مرة في العام 1998م من خلال أول لقاء نظمه د.إبراهيم الفقي وكان عبارة عن محاضرة تعريفية، وحتى هذا اليوم الذي انتشرت فيه المعاهد في عدد كبير من مدن مملكتنا الحبيبة وغالبيتها تقدم دورات للجنسين من خلال مدربين ومدربات معتمدين ومؤهلين، تبقى الحاجة ماسة وملحة لتنظيم واقعها الراهن وحتى لايدخلها من قد يوظفها في مناحي سلبية أو يستعجل التطبيق فيمن حوله ويكون هناك ضحايا لهذا التطبيق الخاطئ، وكما أشار المدربون والمتدربون أن البرمجة اللغوية العصبية تحتاج لجمعية أو رابطة تنظم أمورها وتحميها من التنازع والتنافس الذي بدأ يظهر بصورة صغيرة سببها حب المادة والرغبة في إلغاء الآخرين طلبا لكسب مادي بعيدا عن التحلي بالأخلاقيات التي تدعو إليها البرمجة تلك التي جعلت أمثال (وايت وود سمول) أو (روبرت دلتس ) أو غيرهم ينتقدون هذا التنافس غير السوي والاسقاطات التي يلقيها كل مدرب على زميله سواء بسبب اختلاف المدارس التي يتبع لها أو بسبب رغبات مادية، وأنا حينما أقول ذلك أتحدث من واقع معايش لها من الداخل حيث أني حاصل على (ممارس متقدم) وأرغب أن تبقى البرمجة اللغوية العصبية في صورتها الناصعة في ذهني ولئن وجدت خلافات فهي شأن كل علم حديث أو قديم والزمن كفيل بتخطيها (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض) ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق